Search This Blog

Tuesday 29 March 2011

من تاريخ الأساورتا

الموضوع: من تاريخ الأساورتا


·                               
Mohammed Mahmoud Elhaj
ظل القرن الافريقى لقرون طويلة مسرحا لموجات متعاقبة من الهجرات البشرية، من عناصر الزنجية والحامية والسامية تمازجت تلك الهجرات ونتج عنها شعوب هجين بشري لسكان شرق افريقيا، فالعنصر الزنجى ( الكوشى ) أتت من غابات افريقيا بينما هجرات الحامين والتى قدمت من غوقاز وعبرت البحر عن طريق مصر ثم زحفت الى صحارى شمال السودان وا واصلت أمتداتها الى شرق افريقيا ، بينما هجرات الساميين كانت أوضحها فى كل تلك الهجرات حيث بدأت منذ أوائل من القرن الميلادى وعبرت البحر ألأحمر تجاه غربه، ويعزو نزوح أسباب الساميين الى صراعات سياسية وأخرى نتيجة كوارث طبيعية.
ومن الصراعات االساسية ألأبرز هى تلك التى كانت قد حدثت بين مملكة سبأ والحميرين على السلطة وأمض صراع ألطرفين لزمنا طويلا دون حصم، مما تسبب الى نزوح المواطنين بأعداد كبيرة بحثا عن الامن والامان الى الشاطئ الغربى للبحرألأحمر، حيث كان ألأستقرار سياسى وأقتصادى .
و بعد صراع طويل تمكن الحميرين من ألتغلب على خصومهم، فى عام 300م ، ألأن سيطرة الحميريين لم يضع حد لمعاناة ألشعب ولم تتحسن الظروفهم ألأقتصادية وألسيا سية بل سأت أكثر مما كانت عليه قبل مجئهم، وخلق ذلك عدم أستقرار وتدهور أقتصاد ألبلد و تسبب فى ضعف الدولة وهجرة ألفنيين والمهارات ، وفتح ذلك باب ألتسابق بين ألدولتين ألكبريتين فى تلك ألأزمنة لآحتلال اليمن لأهميتها ألأستراتيجية.
ففى عام 340م وقبل أعتناق ألملك عيزانا للمسيحية بعام أحتلت الحبشة لليمن باعاز وبمساعدة الروم التى كانت تنافس الفرس فى المنطقة، وكلا الدولتين كانتا تعد أعظم قوتين فى العالم فىتلك ألفترة،فقد كانت قوة الفرس تكمن بسيطرتها فى الطرق البرية بينما ألروم على الممرات البحرية، فأحتلال ألروم لعدن عزز سيطرتها على المحيط ألهندى وألبحر ألحمر. لذا وحتى لا تخضع اليمن بسيطرة ألفرس، سارعت ألروم بتحريك ألحبشة.
وطال أحتلال الحبشة لليمن حتى عام 378م أى 38عاما وبعدها حصلت على أستقلالها وما أن تحررت من هيمنة الحبشة ، وقبل أن يتعافى اليمن من أزماته ألأقتصادية والسياسية ،وقعت كارثة بأنهيار سد مأرب العظيم، فى عام 450 وقيل 451م وكانت تلك الكارثة أشد وطأة على الشعب اليمنى مما فاقم ألأزمات.
ثم جاء أحتلال الحبشة لليمن مرة أخرى فى عهد (ألأمبراطور جوستيانوس) بتمويل الروم أيضا وكانت الحملة بقيادة أرياط عام 525م والذى اغتاله عام 549 م أحد أفراد كوادرالجيش الغازى واسمه أبرهة بن ألصباح ، والمعروف ب (أبرهة أشرم) والذى حاول هدم الكعبة المشرفة ، وأمتد احـتلال الحبشة الثانى حتى 575م ، ففى الفترتين دام أحتلال الحبشة لليمن أكثر من ثمانون عاما.
فقدوم تلك الهجرات كان يدر بالنفع بالطرف ألأخر من المنطقة، لما كانو ينقلونه من خبرات ومهارات التى ساهمت فى تطوير البلاد من توظيف وادارة ألأموال بشكل متقن ومنظم ساهم فى انعاش الاقتصاد فى موطنهم الجديد، وعلى أثرها برزت الحبشة بين ألأمم كأقوى دولة أقليمية فى زمانها وأ ستطاعت غزو دول مجاورة لها وأخضعت لسيطرتها.
وبعد القرن الخامس الميلادى جات الهجرة الأولى المباركة حاملة الرسالة السماوية الخاتمة حاملة بشرى للبشرية جمعاء ،ثم تبعتها الهجرة الثانية والثالثة، وعاش المهاجرون قبل عودتهم أربعة عشرعاما فى الحبشة، منهم من أستقر فى المنطقة وتصاهر بمكوناتا سكان أقاليم على أمتداد شرق أفريقيا منهم من توغل الى داخل أعماق أقاليم أفريقيا، وهكذا تمازجت وأختلطت باقوام ألقارة كلها مشاركين فى بناء وتعمير البلاد ونشروا نور ألعلم والمعرفة من خلال ألتزاوج وألأختلاط بالمحبة وليس بغزوات وأبادة من سبقوهم.
ووهكذا أستمرت هجرات الساميين فرادا وجماعات من شرق البحر الى غربه عبر التاريخ وألأخيرة كانت أكثر تأثيرا لما قامت به من نقل القيم وألمعرفة ، وهكذا تعد شعوب القرن الأفريقى مزيج من عناصر ألثلاثة، وخلقت نسيج أجتماعى أنسانى على أمتداد المنطقة خلال قرون وان تفاوتت درجة ألأختلاط والتمازج من منطقة وأخرى.
وتؤكد مصادر تارخية بأن السامين كانوا أكثر عطاء ، لما نقلوه من خبرات ومهارات مميزة الى البر الافريقى لم تكن تعرفها من قبل ألشعوب الافريقية، كألة الحراثة وعملية الرى وأدارة ألأموال اوغيرها، ولعبت تلك المهارات فى تطوير البلاد فى الجانب الغربى من البحر الاحمر، أستثمرتها الدولة فى بناء أقتصادها وتعزيزموقع مملكة أكسوم التاريخية بين ألدول بقيادة ابرز ملوكها ( عيزانا ). وبعد أنهيار تلك المملكة العريقة فى القرن السابع ا لميلاد، ضعف مركز الحكم وأبتعدت من مواقع منافذها البحرية، وتشكلت دويلات متصارعة فى الهضبة المرتفعة دون أن تدعى أى منها بانتسابها الى تلك المملكة التاريخية، مملكة أكسوم، لفترات طويلة.
وفى القرن الثالث عشر، عقب بانهيار مملكة أغوى وظرملك وأسمه يكونى أملاك عام 1270م الذى أدعى زورا بانتمائه نسبا الى سيدنا سليمان وأحقيته لحكم ألأقاليم ألشرقية وحتى البحر، وبداء باشعال حروب ظالمة على شعوب المنطقة ومضى أباطرة الحبشة ألمتعاقبين أثر ذلك الأدعاء المزور، والذى قام بتزويره لهم المؤرخ أليهودى يوسيفوس.
فقد قام بمحاولة فاشلة ألأمبراطور منيليك وسعى للتحالف مع بريطانية ووقع معاهدة التى سميت بمعاهدة هويت وعدته بريطانيا لمنحه ألمونئ ألأريترية، على أن يشترك مع بريطانيا فى مواجهة ألثورة ألمهدية، وأستمر لنفس ألنهج ألتوسعى خلفه منيليك وثم هيلى سيلاس وما أعتراض ألأمبراطورهيلى سيلاس لأستقلال ألصومال عقب أنهيار الحكم ألفاشى ألا أستمرار لتلك ألسياسة ألتوسعية ألتى رسمها ألأمبراطور يكونى أملاك فى ألقرن الثالث عشر ظلت ثابتة مهما تغيرت ألظروف وأللأعبين.
فلم تكن هجرة"عمر أساور" ومن رافقه من ذريته، الأ أستمرار لتلك الهجرات ولنفس الاسباب والظروف، ألتى أجبرت أسلافهم الى الهجرة تاركين ورائهم أرضهم وعزاؤهم، وقد تكررت حالة ألأضطهاد التى مارسستها قبائل القريش فى الجاهلية، عاود ألأمويين ضد أل البيت ومع غيرهم من المعارضين لهذا سلك جد قبائل أساورتا طريق أسلافه من أل البيت وهاجر الى شرق أفر يقيا، كما هو معروف ففى أول هجرة الى ألحبشة كانت رقية بنت رسول الله صلى الله عليه سلم زوجة ألصحابى ألجليل عثمان بن عفان، و قال النبى ألمعظم صلى عليه وسلم (فيهما أنهما أول بيت هاجر فى سبيل ألله بعد أبراهيم ولوط عليهما ألسلام)
تتوارث ذرية عمرأساور مسيرة جدهم وتحدد زمن خروجه من العراق وتقول انها كانت فى عهد عبد الملك بن مروان عندما كان خليفة المسلمين بالشام، بينما كان حاكم العراق حجاج بن يوسف الثقفى، و سبب هجرتهم يرجع ألى مضايقة ومحاربة الامويين لهم ،وخرجوا أبتعادا من الفتن ومن أجل التفرق لنشر ألأسلام وتعاليمه السمحة، وتبعهم من أل ألبيت أخرين بعيد تسلم العباسين الحكم فخرجوا الى سواحل الأفريقى" فمن هؤلاء يقول المصدرجماعة من أتباع ألأمام على رضى الله عنه فى أواخر القرن التاسع الميلادى متجهين الى شرق أفريقيا،وشمل مضايقة وأضطهاد ألأمويين لأل البيت، مما دفعهم الى ألهجرة قسم منهم الى أريتريا وكان لهؤلاء المهاجرين ألأثر الكبير فى الدعوة ألأسلامية، وتمكنوا من تحويل قسم كبير من القبائل الوثنية المتقاتلة الى ألأسلام والف بين قلوبهم بنعمته
تعزز ماتتناقله حفظة سيرة عمر أساورشفاهة والمعلومات التى يذكرها المؤرخون الحالة السياسية التى كانت سائدة فى فترة حكم حجاج بن يوسف الثقفى للعراق مما يؤكد صحة معلومات التى يوردها حكماء أساورتا ودقتها رغم انها كانت تتوارث أغلبها شفاهة.
وعندما خرج عمر أساور من العراق فى هجرته سلك طريقه الحجاز ثم أنتقل الى اليمن وأنطلق من مدينة الزبيد وعبر البحر الاحمر ونزل فى الجانب الأفريقى من الشاطئ الغربى للبحر ألأحمر حسب كل الروايات من ذريته ، وكانت محطتهم الأولى " قوبعد" التى تعد اليوم جزء من أراضى جمهورية جيبوتى، ثم أنتقلوا الى المحطة الثانية وهى سلطنة أوسا العفرية التاريخية، وعاشت الاسرة فى وسط القبائل العفرية بامان، وتصاهرت مع مختلف القبائل منهم ، وتعلموا لغتهم وعاداتهم وبمرور الزمن تفرقت أسرة عمر أساور الى أقاليم مختلفة فى المنطقة وأصبحت قبائل وعشائر فى المناطق التى انتقلت اليها وتمازجت مع ألعناصر وألأقوام من سبقوهم ونطقوا بلسانهم..

من كتاب تاريخ الأساورتا - للكاتب محمود إسماعيل الحاج
منذ حوالي أسبوع · إبلاغ
إظهار المنشور الوحيد.

No comments:

Post a Comment